سورة الفرقان - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} أي بسطه على الأرض وفيه وجهان:
أحدهما: أن الظل الليل لأنه ظل الأرض يقبل بغروب الشمس ويدبر بطلوعها.
الثاني: أنه ظل النهار بما حجب من شعاع الشمس.
وفي الفرق بين الظل والفيء وجهان:
أحدهما: أن الظل ما قبل طلوع الشمس والفيء ما بعد طلوعها.
الثاني: أن الظل ما قبل الزوال والفيء ما بعده.
{ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا} يعني الظل، وفيه وجهان
أحدهما: أنه قبض الظل بطلوع الشمس.
الثاني: بغروبها.
{قَبْضاً يَسِيراً} فيه ثلاثة أوجه
أحدها: سريعاً، قاله ابن عباس.
الثاني: سهلاً، قاله أبو مالك.
الثالث: خفياً، قاله مجاهد.
قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً} يعني غطاءً لأن يَسْتُرُ كمَا يستر اللباس.
{وَالنَّوْمَ سُبَاتاً} فيه وجهان
أحدهما: لأنه مسبوت فيه، والنائم لا يعقل كالميت، حكاه النقاش.
الثاني: يعني راحة لقطع العمل ومنه سمي يوم السب، لأنه يوم راحة لقطع العمل، حكاه ابن عيسى.
{وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً} فيه وجهان
أحدهما: لانتشار الروح باليقظة فيه مأخوذ من النشر والبعث.
الثاني: لانتشار الناس في معايشهم، قاله مجاهد، وقتادة.


قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ} قال أبي بن كعب كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة، وكل شيء في القرآن من الريح فهو عذاب.
وقيل: لأن الرياح جمع وهي الجنوب والشمال والصبا لأنها لواقح، والعذاب ريح واحدة وهي الدبور لأنها لا تلقح.
{بُشْراً} قرئت بالنون وبالباء فمن قرأ بالنون ففيه وجهان
أحدهما: أنه نشر السحاب حتى يمطر.
الثاني: حياة لخلقه كحياتهم بالنشور.
ومن قرأ {بُشْراً} بالباء ففيه وجهان:
أحدهما لأنها بشرى بالمطر.
الثاني: لأن الناس يستبشرون بها.
{بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} يعني المطر لأنه رحمة من الله لخلقه، وتأوله بعض أصحاب الخواطر يرسل رياح الندم بين يدي التوبة.
{وَأَنزَلْنَا السَّمِآءِ مَآءً طَهُوراً} فيه تأويلان
أحدهما: طاهراً، قاله أبو حنيفة ولذلك جوز إزالة النجاسات بالمائعات الطاهرات.
الثاني: مطهراً، قاله الشافعي ولذلك لم يجوز إزالة النجاسة بمائع سوى الماء.
{لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً} وهي التي لا عمارة فيها ولا زرع، وإحياؤها يكون بنبات زرعها وشجرها، فكما أن الماء يطهر الأبدان من الأحداث والأنجاس، كذلك الماء يطهر الأرض من القحط والجدب.
{وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنآ أَنْعَاماً وَأنَاسِيَّ كَثِيراً} فجمع بالماء حياة النبات والحيوان وفي الأناسي وجهان:
أحدهما: أنه جمع إنسي.
الثاني: جمع إنسان.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه الفرقان المذكور في أول السورة.
الثاني: أراد الماء الذي أنزله طهوراً.
وفيه وجهان:
أحدهما: يعني قسمنا المطر فلا يدوم على مكان، فيهلك ولا ينقطع عن مكان، فيهلك، وهو معنى قول قتادة.
الثاني: أنه يصرفه في كل عام من مكان إلى مكان، قال ابن عباس ليس عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه بين عباده.
{لِيَذَّكَّرُوا} يحتمل وجهين
أحدهما: ليتذكروا النعمة بنزوله.
الثاني: ليتذكروا النعمة بانقطاعه.
{فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسَ إِلاَّ كُفُوراً} قال عكرمة: هو قولهم مطرنا بالأنواء. روى الربيع بن صبيح قال: أمطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلما أصبح قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهَا بَيْنَ رَجْلَينِ شَاكِرٍ وَكَافِرٍ، فَأَمَّا الشَّاكِرُ فَيحْمِدُ اللَّهَ عَلَى سُقْياهُ وَغِيَاثِهِ وَأَمَّا الكَافِرُ فَيقُولُ مطرنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا».


قوله تعالى: {فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ} يعني إلى ما يدعونك إليه: إما من تعظيم آلهتهم، وإما من موادعتهم.
{وَجَاهِدْهُم بِهِ} فيه وجهان:
أحدهما: بالقرآن.
الثاني: بالإِسلام.
{جِهَاداً كَبِيراً} فيه وجهان:
أحدهما: بالسيف.
الثاني: بالغلظة.
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَينِ} فيه وجهان:
أحدهما: هو إرسال أحدهما إلى الآخر، قاله الضحاك.
الثاني: هو تخليتها، حكاه النقاش وقال الأخفش مأخوذ من مَرَجْتَ الشيء إذا خليته، وَمَرَجَ الوالي الناس إذا تركهم، وأمرجت الدابّة إذا خليتها ترعى، ومنه قول العجاج.
رَعى بها مَرْج ربيع ممرجاً ***

وفي البحرين ثلاثة أقاويل:
أحدها: بحر السماء وبحر الأرض، وهو قول سعيد، ومجاهد.
الثاني: بحر فارس والروم، وهو قول الحسن.
الثالث: بحر العذب وبحر المالح. {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} قال عطاء:
الفرات: العذب، وقيل هو أعذب العذب.
وفي الأجاج: ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه المالح، وهو قول عطاء، وقيل: هو أملح المالح.
الثاني: أنه المر، وهو قول قتادة.
والثالث: أنه الحار المؤجج، مأخوذ من تأجج النار، وهو قول ابن بحر.
{وََجَعلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً} فيه ثلاثة أقويل:
أحدها: حاجز من البر، وهو قول الحسن، ومجاهد.
الثاني: أن البرزخ: التخوم، وهو قول قتادة.
والثالث: أنه الأجل ما بين الدنيا والآخرة، وهو قول الضحاك.
{وَحِجْراً مَّحْجُوراً} أي مانعاً لا يختلط العذب بالمالح، ومنه قول الشاعر:
فَرُبّ في سُرادقٍ محجورِ *** سرت إليه من أعالي السور
محجور أي ممنوع.
وتأول بعض المتعمقين في غوامض المعاني أن مرج البحرين قلوب الأبرار مضيئة بالبر، وهو العذب، وقلوب الفجار مظلمة بالفجور وهو الملح الأجاج، وهو بعيد.
قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً} يعني من النطفة إنساناً.
{فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} فالنسب مِن تناسُب كل والد وولد، وكل شيء أضفته إلى شيء عرفته به فهو مناسِبُهُ.
وفي الصهر وجهان:
أحدهما: أنه الرضاع وهو قول طاووس.
الثاني: أنه المناكح وهو معنى قول قتادة، وقال الكلبي: النسب من لا يحل نكاحه من القرابة، والصهر من يحل نكاحه من القرابة وغير القرابة.
وأصل الصهر الاختلاط، فسميت المناكح صهراً لاختلاط الناس بها، ومنه قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُوِهِم} [الحج: 20] وقيل إن أصل الصهر الملاصقة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7